غاب جوزيف عزيزات من عكا عن آلة العود لمدة عام كامل، لكنه عاد الى شغفه وأبدع فيه وبعد 5 سنوات حقق انجازًا مع بيت الموسيقى بحصوله على علامة امتياز في 3 وحدات بجروت. جوزيف، ورغم جيله الصغير – مبدع. فهو يؤلف الموسيقى ويعزفها ويضع لنفسه الاهداف ويسعى لتحقيقها واحدًا بعد الآخر.
يرى في سيمون شاهين قدوته، ويحلم بأن يصل للعالمية، والتحدي الأكبر بالنسبة له الآن هو النجاح في دراسته الاكاديمية حيث يدرس في أكاديمية الموسيقى في القدس.
ماذا يعني التقدم لـ 5 وحدات بجروت في العزف على العود؟
جوزيف: يعني الوصول الى مستوى عالٍ في العزف يؤهل العازف لدخول أكاديمية الموسيقى والدراسة فيها.
وهل كان هدفك الدراسة في الأكاديمية؟
جوزيف: طبعًا. منذ أن عرفت ان أمامي إمكانية دراسة الموسيقى اكاديميًا وضعته هدفًا أمامي، وأنا على ثقة ووعي بأن حلمي ان اكون عازف عود محترف.
منذ متى بدأت العزف؟
جوزيف: كنت أعزف آلات أخرى قبل أن اتخصص في العزف على العود. ثم بدأت مشواري مع الآلة منذ خمس سنوات وانا مستمر.
هل موهبتك تعود لكونك أت من بيت موسيقيين؟
جوزيف: أبدًا، انا آت من بيت يحب ويقدّر الموسيقى بشكل كبير وتربيت على الاستماع للأغاني العظيمة والخالدة.. والدي ووالدتي لا يعزفان ولا يجيدان الغناء، وبعد دخولي المجال شجّعت أخي وأختي وهما يعزفان الكمان والقانون.
هل هناك مسعى لتشكيل فرقة أخوة في البيت؟
جوزيف: حبي للموسيقى وحماسي اللذان يظهران خلال عزفي، وشغفي أثرا في أخوتي ودفعهما أيضا لبدء تعلم العزف.
العود هو آلة حاضرة بقوة في مجتمعنا وحضارتنا، ما الذي لا نعرفه عن هذه الآلة؟
جوزيف: أهم معلومة يجب أن يعرفها الناس هي أن العود ليس آلة محصورة في اللحن الشرقي ويمكن أن يقدم العازف ألحانًا غربية أيضًا مع العود.
وهل جمهورنا لديه استعداد للاستماع للحن غربي على العود؟
جوزيف: ربما سيحب الموسيقيون ذلك لكن الناس لا أعتقد انها ستحب ما هي غير معتادة عليه. أنا شخصيًا كعازف عود لا احب الاستماع إلى معزوفات غربية وأفضل الشرقية وعندما أعزف فإنني أعزف اللحن الشرقي فقط.
قرار التقدم للبجروت يحتاج شجاعة والكثير من الجهد والتحضير والتدريب، حدثنا عن المرحلة التي سبقت الامتحان.
جوزيف: التقدم للبجروت يحتاج الكثير من الإرادة أولا والتدريب ثانيًا. خلال الفترة الأخيرة التي سبقت الإمتحان كنت أتدرب بشكل مكثف ولمدة تصل إلى حوالي 5 ساعات يوميًا وهذا جميل جدًا لكنه مرهق وصعب. أذكر أني كنت أفضل الهروب من المدرسة والعودة للبيت للعزف؛ وأحيانًا أخرى كنت أصحو الساعة الثالثة صباحًا لأتدرب على مقطوعة ما. الآن بات واضحًا أن هذا التعب أثمر تقدير وتقييم الممتحنين لما قدمه من قدرات في العزف.
هل تذكر يوم الامتحان نفسه؟
جوزيف: كل ما أذكره الآن من يوم الامتحان هو لحظة تصفيق الحاضرين.
الموسيقى موجودة في تراثنا وحياتنا بشكل كبير، لكن هل نحن مجتمع مثقف موسيقيًا؟
جوزيف: للاسف لا.. ولكني مقتنع ان الجيل الجديد من العازفين ستكون لديه مساهمة في تثقيف الجمهور. اليوم هناك معاهد موسيقية وعروض ومشاريع موسيقية لكل جيل، وأنا أرى دوري في الاجتهاد وتأليف مقطوعات موسيقية خاصة بي. انا شاب طموح جدًا وأعتقد ان طموحي أكبر من جيلي وأؤمن في ان الموسيقى لغة جميلة جدًا لأحاور بها الناس.
كيف تم استقبالك في بيت الموسيقى مع هذا الطموح الكبير؟
جوزيف: في البداية كانت مفاجأة، خاصة أني وصلت المعهد بعد انقطاع عن العود دام أكثر من سنة.. اليوم طموحي أن أصل لما وصل اليه العازف الكبير سيمون شاهين.. العالمية. وهذا يعني أن أمامي الكثير لأنجزه على الصعيد الشخصي والمحلي.
وخارج المعهد؟
جوزيف: مع كل التشجيع والدعم من الأهل إلا أن هناك مجتمع محيط فيه من يزال يسألني: كيف ستعيش؟ كم ستكسب من الموسيقى؟ والتحدي الكبير هو تحقيق إنجازات للرد على كل من لا يؤمن بي وبموهبتي. صحيح أن هناك عازفين يحضرون للبلاد لأمسية أو امسيتين وتنفذ تذاكر حفلاتهم سريعًا، إلا أن نسبة المهتمين والمؤمنين بمكانة الموسيقى لا تزال قليلة. أنا لا أعاني من وجود هذه الناس، بالعكس فأسئلتهم تضعني أمام فرصة جديدة للابداع. وهناك جانب آخر للموسيقى لا يلاحظه الناس، الموسيقى تهذّب جدًا وتجعل الانسان أكثر هدوءًا وتروّي، ولو كنا مجتمع يتناول الموسيقى يوميًا لكنّا أكثر هدوءًا وإٍبداعًا.
في الموسيقى الشرقية هناك مصطلح مهم هو "السلطنة".. ما هي السلطنة؟
جوزيف: السلطنة هي حالة الطرب، والانسجام والاندماج مع الموسيقى التي يسمعها الإنسان والرغبة في الاستماع أكثر وأكثر. وفي كل مرة أعزف فيها أصل لمرحلة سلطنة وهذا يجعل المستمع يتواصل مع موسيقاي. العازف لا يكفيه أن يكون ماهرًا في العزف بل يجب أن يتواصل روحانيًا أيضا مع ما يقدم.
حققت حلمك الأول وبدأت دراستك في أكاديمية الموسيقى، ما هو حلمك التالي؟
جوزيف: لقد كتبت مجموعة مقطوعات وبعد أن يراجعها بعض الأساتذة سوف ابدأ بعزفها. إضافة إلى رغبتي بمواصلة تعليمي في مجال العلاج بالموسيقى.